بینات

تآریخ النشر: 22:26 - 2017 February 21
إننا في زمن يتعرض فيه الإسلام إلى أبشع تحطيم فكري على يد الكثير من المتحدثين باسمه، وعلى يد الجماعات التي تتلمذت على أيديهم وراحت تزرع الرعب في العالم باسم جهاد لن يبني خما للدجاج فضلا عن ان يبني دولة الانسان خليفة الله في أرضه التي يجد فيها المظلوم نصرته والمهضوم العاري سترته والخائف الفار امنه، والعقل الجبار الضائع بين الجهال مكانه المناسب ليبدع ويخترع وينفع ولن يكون ذلك إلا بالثنائية التي أشرت إليها وقد ذكرها القرآن الكريم "ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون".
رمز الخبر: 11


إننا في زمن يتعرض فيه الإسلام إلى أبشع تحطيم فكري على يد الكثير من المتحدثين باسمه، وعلى يد الجماعات التي تتلمذت على أيديهم وراحت تزرع الرعب في العالم باسم جهاد لن يبني خما للدجاج فضلا عن ان يبني دولة الانسان خليفة الله في أرضه التي يجد فيها المظلوم نصرته والمهضوم العاري سترته والخائف الفار امنه، والعقل الجبار الضائع بين الجهال مكانه المناسب ليبدع ويخترع وينفع ولن يكون ذلك إلا بالثنائية التي أشرت إليها وقد ذكرها القرآن الكريم "ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تذكرون".
إن الأحادية في عالم الخلق شذوذ عن الغاية من الخلق لأن الله خلق من كل شيء زوجين ،وهي في عالم ”المباني انسان حيوان جماد" من أجل التكاثر دون ان يحدث التكاثر ازمة في الوجود من خلال تدبير الخالق عز وجل لأمر الخلق والكون، واما في عالم المعاني فقد خلق الشيء وضده وهو ما يسمى بتدافع الأضداد وبدون الأضداد لن تكون هناك قيمة للفضيلة التي خلق الله الانسان
ليرتقي فيها محاكيا بها اخلاق الله.

وحين قال الله لملائكته {إني جاعل في الارض خليفة" قالوا له بناء على هذه الضدية التي تغلبت فيها كما رأوا في زمانهم الرذيلة على الفضيلة والقتل على حقن الدماء والفساد على الاصلاح، {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدسك؟ قال إني اعلم ما لا تعلمون}هكذا يرفع الستار في هذا المشهد لمن يتأمله بروح الثنائية عن ثنائية دشنها الله عز وجل وهو ليس في حاجة إليها فهو {لا يسأل عما يفعل وهم يسألون}ولكن ليعلمنا نحن البشر أن الأحادية في الرأي لم يطبقها الله عز وجل رغم استغنائه عن خلقه وعلمه بما كان وما يكون، وصور لنا بالثنائية الأولى وهو يحاور إبليس كيف سمح بالضدية له ولخليفته في أرضه منذ رفض إبليس السجود
لآدم إلى ان تقوم الساعة، وهو القادر على ان يقضي على إبليس في تلك اللحظة التي رفض فيها أوامر الله، والعكس هو الذي حدث حيث اعطاه طول العمر والحرية في الإغواء فمن تبعه من بني آدم فإن جهنم جزاؤهم جزاء موفورا كما جاء في سورة الإسراء،وما بين الحدثين تصارع الأضداد بين الشر والخير فضيلة ورذيلة، عدل وجور، علم وجهل، جبن وشجاعة، شح وكرم، صدق وكذب،.. وبدون هذه الأضداد لن تكون الحياة.
نستخلص مما سلطنا الضوء عليه واللبيب بالإشارة يفهم كما يقال أن الله عز وجل الكامل في ذاته، القادر بالاستغناء بأحديته ووحدانيته عن خلقه قد مثل في ذينك المشهدين دور السلطة الحاكمة المدبرة للأمر وان لكل سلطة معارضة سواء كانت المعارضة تمثل الخير ولكنها تقترح اقتراحا يخالف ما أرادته السلطة مثلما نلمسه في أمر الملائكة الذين قالوا لله أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء؟ أو كانت المعارضة تمثل الشر والمعارضة المطلقة لأمر السلطة كما نلمسها في إبليس لعنة الله عليه،والشر والخير كمعارضة كلاهما مسموح بهما في مملكة الله فكيف لا يسمح بمعارضة وفي الخير في مملكة بني آدم الذين يسميهم وهو خالقهم خلفاء الله فهل المخلوق يصبح أحرص على مصلحة الخلق من الخالق والعياذ بالله فيدعي أنه لا تجوز المعارضة كما فعلوا طوال 14قرنا باسم الاسلام؟؟.
فمهما كثر ما تعتبره السلطة شرا يجيء من المعارضة إن لم يكن معارضة تسفك الدماء فلا يوفر المبرر للسلطة بأن تقضي على المعارضة سواء كانت في الشر او في الخير لأن الثنائية تعبر عن حرية وعن غاية إلهية كبرى في تدافع الأضداد {ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز} والذي يصل الحكم باسم الاسلام او باسم الشعب ويقضي على معارضيه ويمنعهم من التعبير عن وجودهم فقد جعل من نفسه اعلى واعلم من الله عز
وزجل -والعياذ بالله- حيث لم يقض على معارضه في الشر ابليس بل ترك له الامان وحرية الإغواء، ولم يقل لمعارضيه في الخير وهم الملائكة انتم جهلة بل ذكرهم فقط بانه يعلم ما لا يعلمون، وأذعنت الملائكة للأمر بعكس إبليس لأن المعارضة الحقيقية إن كانت في الخير ستذعن للسلطة او السلطة تذعن لها حين تكون العلمية والأعلمية هي الفاصل في الحكم بين الفريقين.
وعندما أسقطت الأمة الأعلمية من الحساب وصار يقودها الجهال وأذعن الفقهاء لذلك ووضعوا قواعد تبيح لهم ذلك انقلبت القيم وصار الرأس بموضع القدم .

ذلك أنه لكل أمة رجالها من أهل الفكر الذين تتعلق بهم أفئدتها وتهرع إليهم في أزمتها وهم الذين يمثلون الجبال التي تحفظ الأرض من أن تميد، والمنارات التي تهتدي بهم في ظلمات البر والبحر فلا تتيه ولا تحيد، وما من قرية بل حتى مجموعة سكنية قليلة إلا ورأيت أهلها تطيب أنفسهم إلى من يرونه أثقفهم وأفقههم فيستفتونه في عويصات الأمور ويلتمسون منه الحلول لبعض الغوامض، والإصلاح بينهم في ما ينشب من خلاف، والنبي صلى الله عليه وآله أوجد في حياته هذا الصنف من الذين تهتدي بهم الأمة وعلى رأسهم أهل بيته الأطهار فقال لعلي: ”أنت مني بمنزلة هارون من موسى" وقال عن عمار بن ياسر عمار منا أهل البيت لأنه انخرط في العلمية التي تصلح ان يقتدي بها الناس وقال عن الحسن والحسين: ”هذان إمامان إن قاما وإن قعدا" أي سواء انعقدت لهم الإمامة برضا الأمة أو لم تنعقد فهما إمامان وكذلك أبوهما عليهم جميعا الصلاة والسلام.
وقد قلت أوجدهم النبي حتى لا أتغلغل في عمق الاختيار الإلهي الذي سبق الزمان والمكان وما الإيجاد النبوي إلا تذكير وتنفيذ لذلك الجعل الإلهي السابق {وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ونلاحظ أن الآية تتحدث عن جعل إلهي وقد اختار الله لهذا الأمر بعد النبي أئمة تقتدي بهم الأمة روى مسلم في صحيحه أن الإقتداء بهم بعد النبي عاصم من الضلال وأنهم عدل الكتاب الذي أنزله الله على نبيه وأنهم والكتاب لن يتفرقا حتى يردا على النبي الحوض والتمسك بهما واجب كالتمسك بالكتاب في أحاديث بلغت التواتر وليست احاديث آحاد كما يزعم المنكرون الذين ضيعوا حديث العترة فضاعت الأعلمية وسقطت من حساب الأمة حيث صار يقودها من يجهل آية التيمم ومن يريد أن يقيم الحد على المجنون فيذكره الإمام علي نفسه بأن القلم مرفوع عن ثلاث،ولم يجد الفقهاء بعد سقوط الأعلمية من عالم التنفيذ إلا قاعدة تقول بجواز تقدم المفضول على الفاضل وهي التي بلغت فيها الأمة حد قيادة العبيد لها وحد قيادة السكارى لها وأفتى الفقهاء بجواز ذلك وزادوا على أن قالوا بإمامة الظالم الذي تغلب على الأمة بالسيف فصار المستدمر غير المسلم إماما على الأمة المسلمة من خلال فتاوى هؤلاء الفقهاء.. يقول عبد الله بن معمر الدميجي، في كتابه: الإمامة العظمى عند أهل السنة والجماعة، ط/ دار طيبة – الرياض، ص308: ”أما إذا لم يوجد هناك أي سبب يؤدي إلى تقديم المفضول على الفاضل فالأولى تقديم الأفضل لأنه الأصلح قطعًا، وإذا بايع أهل الحل والعقد المفضول ولو لم يكن هناك أي سبب فالإمامة له منعقدة وطاعته واجبة".
انظر: شرح لمعة الاعتقاد، الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ، ط1/ دار
الحجاز – 1433هـ، ص147، حيث قال: ”فأهل السنة يرون أن الولاية الشرعية تحصل عن أحد طريقين: إما باختيار من أهل الحل والعقد، وإما بالغلبة، فمن غلب ودعا الناس إلى بيعته فتجب بيعته، وقد حصل هذا..". انظروا يرحمكم الله كيف يجوزون الديكتاتورية والظلم باسم الدين .

صادق سلايمية

تعلیقات المشاهدین
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رای: