بینات

تآریخ النشر: 22:10 - 2017 February 25
ترك الأستاذ صالح الورداني دعاة التقدس المزيف وادعياء التدين السلفي وبحث عن الحق في النصوص الأصلية كالقرآن والسنة الصحيحة التي لا تخالف القرآن ولا تنافي ضرورة العقل، فعرف أهل الحق وهم أهل بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) فتمسك بهم وبالقرآن الذي لا يفترقون عنه فاهتدى، وكانت له رحلة موفّقه - رغم مرارتها - بالاستفادة من النتائج المخيبة لتجاربه للوصول الى الأسباب الحقيقة التي أدت به الى مثل هذه النتائج، فعرف انه كان في قوم يخلطون بين الدين والتراث، ويأولون ويبررون الأحداث للحفاظ على قدسية رجال ما انزل الله بها من سلطان، فتركهم وانتقل الى قوم يتمسكون بالقرآن والعقل ولا يجتهدون مقابل النصوص وينأون بأنفسهم عن الحكام الظالمين ويدعون إلى سبيل ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة.
رمز الخبر: 21

ترك الأستاذ صالح الورداني دعاة التقدس المزيف وادعياء التدين السلفي وبحث عن الحق في النصوص الأصلية كالقرآن والسنة الصحيحة التي لا تخالف القرآن ولا تنافي ضرورة العقل، فعرف أهل الحق وهم أهل بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله) فتمسك بهم وبالقرآن الذي لا يفترقون عنه فاهتدى، وكانت له رحلة موفّقه - رغم مرارتها - بالاستفادة من النتائج المخيبة لتجاربه للوصول الى الأسباب الحقيقة التي أدت به الى مثل هذه النتائج، فعرف انه كان في قوم يخلطون بين الدين والتراث، ويأولون ويبررون الأحداث للحفاظ على قدسية رجال ما انزل الله بها من سلطان، فتركهم وانتقل الى قوم يتمسكون بالقرآن والعقل ولا يجتهدون مقابل النصوص وينأون بأنفسهم عن الحكام الظالمين ويدعون إلى سبيل ربهم بالحكمة والموعظة الحسنة.

الدين والتراث:
يعرّف الكاتب الدينَ بأنه: مجموعة النصوص التي جاء بها الرسول(صلى الله عليه وآله)وبلّغها للناس، والكتاب الذي يأتي به الرسول إنّما يحتوي أصول وقواعد هذا الدين.
ويعرف التراث بأنه: مجموعة الاجتهادات الحادثة على الدين من أقوال وروايات وتفسيرات، ويدخل في دائرته الحديث والتاريخ والفقه والتفسير وشتّى النتاجات التي تمخض عنها العقل على ضوء الدين.
ومن هنا يصل الى نتائج: منها: أنّ الدين هو الحق الثابت الذي يبلغه الله الى الإنسان، وأنّ التراث هو ما يتعلق بهذا الحق من اجتهادات متغيرة ومحلّ أخذ ورد، وعليه للوصول الى حقيقة الدين لابدّ من التمييز بين النصوص القرآنية الشرعية وبين النصوص التراثية الوضعية الاجتهادية، وإلاّ وقع الناس في الخلط وأنزلوا أقوال الرجال منزلة النصوص وبالتالي عبادة هؤلاء الرجال مثل ما عبد اليهود والنصارى الأحبار والرهبان كما ذكر القرآن الكريم(1).
ولو استطاع المسلمون أن يفهموا النصوص المتعلقة بالحكم والسياسة بمعزل عن فقهاء الماضي وفقهاء الحكومات من المعاصرين لكان من الممكن أن تتكون في أذهانهم صورة الاسلام الحقة، لكنهم جعلوا هؤلاء الفقهاء واسطة لفهم هذه النصوص وضيعوا المفسّر الحقيقي لها وهم أهل البيت (عليهم السلام) الفئة المصطفاة من الأمة التي ترث الكتاب من بعد الرسول(صلى الله عليه وآله)، فصاروا رهينة للخط الذي رسمه الحكام بمعونة هؤلاء الفقهاء.

الالتزام بخط النص لا بخط الرجال:
بيّن الكاتب أنّ هناك ملامح خلاف واضحة بين التراث السني والتراث الشيعي منها:

1 - أن التراث السني يعتمد على الصحابة بينما التراث الشيعي يعتمد على آل البيت (عليهم السلام) .
2 - التراث السني يتبنّى التعايش مع حكام الجور والتراث الشيعي يرفض هذا التعايش.
3 - التراث السني تغلب عليه أقوال الرجال بينما التراث الشيعي يميل مع النص.
4 - التراث السني يضيق على العقل بينما التراث الشيعي يحترم العقل.
وقد وضع الشيعة قواعد لضبط حركة الرواية في مجال الاستدلال، حيث تمر الروايات بمراحل من الغربلة والتمحيص حتى تصبح دليلا معتمداً.
ومن هذه القواعد: أنّ الحديث الذي يخالف القرآن يضرب به عرض الجدار، ونتج عن ذلك تحجيم دور الرجال وعزل أقوالهم عن النصوص والحيلولة دون طغيان هذه الأقوال عليها.
بينما نرى في المقابل أنّ التراث السني يعتمد الروايات بعد مناقشة بسيطة في السند وإن خالفت هذه الروايات القرآن وضرورة العقل، فمرت كثير من الروايات المختلفة والموضوعة التي تساهمت في ايجاد تراث ضخم مشوّه عن الإسلام يصعب تمييز النصوص الحقة فيه فكانت أقوال الرجال هي الغالبة والمحكمة، ومن هنا فان من يتبنّى الاطروحة الشيعية بعد أن كان من العامة لم يستبدل تراثاً بتراث، ولم ينتقل من عبادة رجال الى عبادة رجال، بل يلتزم بخط النص الذي حدد رجاله الذي يحملونه النص ولا غير المصطفون من آل البيت (عليهم السلام) .

التأويل والتبرير:
يقول الكاتب الاستاذ صالح الورداني في هذا المجال: لقد حوربت السنة النبوية الشريفة لفترة طويلة ومنعت كتابتها تحت شعار "حسبنا كتاب الله"، واحرق الكثير من الصحف التي تضمها أو اتلفت ومحيت تنفيذاً لسياسة هذا الشعار التي كانت في الواقع تخاف اتضاح الحق ومعرفة أهله.
ومع ذلك فقد افلتت من رقابة القوم الصارمة الكثير من النصوص التي لم يمكنهم أن يكتموها لحيوية دين الإسلام وقوته الذي لا تستطيع أكبر أجهزة الرقابة في العالم أن تخنقه وتقف في سبيل انتشاره.
إلاّ أنّ القوم لم يستسلموا لهذه النصوص، وإنما حاصروها بالتأويل عسى أن تحل التأويلات محل النصوص وتطمسها، أو على الأقل تشوش عليها فتضيع وسط ركام الباطل الذي غطوها به.
والهدف من ذلك ربط المسلمين بالخط السائد واغلاق الباب أمام أي تيار معارض يجاهر بالنص لمقاومة هذا الخط، ولم ينحصر الأمر بالنصوص بل امتد الى الواقع التاريخي - لفترة ما بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) أو حتى قبلها - المرتبط بالصحابة والحكام الذي فتح ثغرة كبيرة للطعن في اطروحة القوم والتشكيك فيها، فعمدوا الى منهج التبرير بخلق دوافع تبرر وقوع الحدث التاريخي على غير الوجهة التي يوحي واقعه وظاهره.

تأويل النصوص المحرجة للتبرير:
في مقدمة النصوص التي أحرجت القوم واضطروا الى تأويلها، تلك النصوص الواردة في الإمام عليّ (عليه السلام) وأهل البيت (عليهم السلام) التي هي صحيحة حتى حسب قواعدهم التي وضعوها لتصحيح الحديث، فهذه النصوص تضع الإمام عليّ (عليه السلام) في مكانة خاصة ترفعه فوق جميع الصحابة بل لا يمكن قياس أحد منهم به، كما تكشف أنّ لأهل البيت (عليهم السلام) دوراً خاصاً في واقع الأمة ذلك الدور الذي حالت السياسة دون بروزه.
وفي مقابلة مثل حديث المنزلة، وهو قول رسول الله(صلى الله عليه وآله) لعليّ (عليه السلام) : "أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنه لا نبي بعدي" الذي يرويه مسلم تجده يعلق ويقول: "والمستدل بهذا الحديث على أنّ الخلافة له بعد رسول الله زائغ عن منهج الصواب فإن الخلافة من الأهل في حياته لا تقتضي الخلافة من الامة بعد مماته"(2).
ويضيف ابن حجر: واستدل - أي بهذا الحديث - على استحقاق عليّ للخلافة دون غيره من الصحابة فان هارون كان خليفة موسى، واجيب بان هارون لم يكن خليفة موسى إلاّ في حياته لا بعد موته، لأنه مات قبل موسى باتفاق(3).
أما مثل حديث الغدير فالقوم في حيرة من أمرهم، فلضرب هذا النص تجدهم يأولون المعنى المقصود بأهل البيت، فمرة يعرفونهم في حدود عليّ وفاطمة والحسن والحسين كما أقرّ بذلك مسلم في آية المباهلة(4)، وتارة يعرفونهم بآل عليّ وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس(5)، وتارة اخرى يدخلون معهم نساء النبيّ(صلى الله عليه وآله)، وتارة يخرجونهم كما هو واضح من اجابتين متناقضتين لسؤال واحد في رواية واحدة(6)، والهدف من ذلك هو تمييع فكرة آل البيت وتشتيتها بين نساء النبيّ وبني هاشم، فتتشتت القدوة أمام المسلمين ويفتح الباب بالتالي أمام القدوة الفاسدة لتحل محلهم.
وفي مواجهة الأحاديث الواردة حول الأئمة الاثنا عشر اضطر القوم الى صرفها عن معناها وتحويلها نحو الحكام حتى لا يكون عليهم من قبل الخصوم.
وقد حدد فقائهم الأئمة الاثنا عشر الذين بشر بهم الرسول(صلى الله عليه وآله) وربط عزّة الإسلام بهم في دائرة الخلفاء وحكام بني امية، فأولهم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم الإمام عليّ، ثم معاوية، ثم يزيد، ثم عبدالملك بن مروان وأولاده الأربعة الوليد وسليمان ويزيد وهشام، ثم عمرو بن عبدالعزيز وبعدهم أخذ الأمر في الانحلال(7).
وبتفحص سيرة هؤلاء دون سيرة الإمام بالطبع سوف يتبين لنا أنه لا تتوافر في أحدهم أدنى صفات الإمامة، وأنّ هؤلاء لا يخرجون عن كونهم مجرد حكام طبق عليهم الفقهاء النص تحت ضغط السياسة ولصرف المسلمين عن أئمة آل البيت الذين يقصدهم النص والذين تنطبق سيرتهم وصفاتهم على النص المذكور.
وفي مواجهة الواقع التاريخي لغضب فاطمة سلام الله عليها وهجرها لأبي بكر فلم تكلمه حتى ماتت، ينقل ابن حجر أقوال الفقهاء حولها هكذا:
فلم تكلمه: أي فلم تكلمه في ذلك المجال.
وأن فاطمة حملت كلام أبي بكر على أنه لم يسمع ذلك من رسول الله وإنما سمعه من غيره ولذلك غضبت...
ونقل عن بعضهم: إنما كانت هجرتها إنقباضاً عن لقائه والاجتماع به وليس ذلك من الهجران المحرم.. وأما سبب غضبها مع احتجاج أبي بكر بالحديث فلاعتقادها تأويل الحديث على خلاف ما تمسك به أبو بكر وكأنها اعتقدت تخصيص العموم في قوله: لا نورث، ورأت أن منافع ما خلفه من أرض وعقار لا يمتنع ان تورث عنه، وتمسك أبو بكر بالعموم في أمر محتمل التأويل، فلما صمم على ذلك انقطعت عن الاجتماع به لذلك(8)...
والهدف من وراء جميع هذه التبريرات كما هو واضح هو تبرئة أبو بكر واضفاء المشروعية على موقفه المعاد لآل البيت والذي كانت اولى نتائجه هو حرمان فاطمة الزهراء سلام الله عليها من ميراث الرسول(صلى الله عليه وآله).. وفقهاء التبرير إنما يهدفون من تبريراتهم هذه أيضاً اضفاء صفة العلم على أبي بكر تلك الصفة التي ينبني عليها تلقائياً جهل الطرف الآخر وعدم إلهامه بعلم الرسول وأحكام الدين وهو طرف فاطمة الزهراء والإمام علي (عليه السلام) .
إن منهج التأويل والتبرير هو الأساس الذي بني عليه منهاج القوم وعقائدهم ولم يكن مجرد طرح عابر في مذهبهم وإنما كان سلاحهم الذي يشهرونه في وجه عامة المسلمين الذي ينتابهم الريب في رواياتهم ومواقفهم وأحداث التاريخ بوجه عام فضلا عن الخصوم من المذاهب الاخرى.

فكرة عدالة الصحابة:
عالج الاستاذ صالح الورداني هذه الفكرة بالطريقة التالية: حكم القوم بعدالة جميع الصحابة وحشدوا الكثير من النصوص القرآنية والنبوية وطبقوها عليهم دو تمييز معتبرين المساس بالصحابة مساساً بالدين وبغضهم أو نقدهم زندقة وردّة، وجعلوا هذه الفكرة في صلب العقيدة(9).
وعرّف القوم الصحابي: من لقى النبيّ(صلى الله عليه وآله) مؤمناً به ومات على الإسلام، فيدخل فيمن لقيه من طالت مجالسته أو قصرت ومن روى عنه أو لم يرو ومن غزا معه أو لم يغز ومن رآه رؤية ولو لم يجالسه ومن لم يره لعارض كالعمى(10).
ومن الواضح أنّ هذا التعريف لمفهوم الصحبة من شأنه أن يدخل كل من هب ودب من الناس في زمرة الصحابة، وبالتالي ينال مرتبة العدالة الشريفة ويرتفع مقامه في نظر الأمة ويحوز على ثقتها فلا تجد حرجاً في التلقي منه..
وكانت نتيجة هذا الأمر هو ادخال عدد كبير من الرجال المشبوهين في دائرة الثقة والايمان وأمكن اختراع هذا الكم الهائل من الروايات المنسوبة للرسول والتي اعتمد عليها الحكام في تزعمهم سلطانهم واعتمد عليها فقهاء القوم في دعم اطروحتهم وإلزام الامة بالسير على نهجهم.
وقد تحقق لهم أنّ نشأت أجيال التابعين وتابعي التابعين ومن بعدهم على الاعتقاد بعدالة جميع الصحابة ومنهم معاوية الذي استسلمت الأمة لخطه وباركه فقهاء الخديعة واهمل تماماً خط الامام علي ودخل دائرة النسيان.
ولولا فكرة العدالة وتعريف الصحبة الذي ساد الامة ما كان قد اختفى منهج آل البيت منهج الامام علي وعزل عن الواقع، فلم يكن الهدف من فكرة العدالة هو الحفاظ على الدين وانما كان الهدف هو ضرب أصحاب العدالة الحقيقيين والتغطية عليهم.
ومن هنا تبرز لنا أهمية هذه الفكرة وخطورتها على الدين إذا نبني عليها دين آخر يقوم على اساس روايات رجال مشبوهين، وان التحرر من هذه الفكرة مقدمة ضرورية لمعرفة الدين الحق الذي يقوم على النصوص.

فكرة الاجماع:
وأما فكرة الاجماع فاورد فيها ما يلي: قال القوم بحجية الاجماع واستخدموه في المسائل التي تعوزهم فيها النصوص التي يمكن توجيهها مع أغراضهم، ومعناه عندهم هو قبول جميع الامة للرأي المجمع عليه وعدم وجود أطراف أو اتجاهات مخالفة له.
ومثل هذا الاجماع لم يتحقق في فترة من فترات التاريخ الاسلامي ان لم نقل باستحالته فهناك من الصحابة والتابعين من التزم بنهج الامام علي (عليه السلام) وشذ عن الخط السائد خط القوم وهناك الخوارج وهناك المعتزلة وهناك سائر الفرق الاخرى.
وكل فرقة من هذه الفرق كانت لها شعبيتها وسط المسلمين وهي تتبنى اطروحة مخالفة لخط القوم... فأي اجماع ذاك الذي يتحدثون عنه؟
والاجابة هي إجماع أهل السنة أو الخط السائد من الحكام والفقهاء على عدّة قضايا ومفاهيم تحقق الاستمرارية والسيادة لاطروحة القوم.
هذا هو الاجماع، وهذه هي الحقيقة، إنه إجماع خاص بالقوم وليس بالأمة، وهو إجماع مصيري بالنسبة لهم إذ الخروج عليه معناه هدم عقائدهم ومفاهيمهم ولولا هذا الاجماع ما استطاع القوم إقناع المسلمين والأجيال اللاحقة بتبني خطهم واطروحتهم.
والهدف من فكرة الاجماع هو نفس الهدف من فكرة العدالة كلاهما يدفع الامة الى الاستسلام للخط السائد واضفاء المشروعية عليه، وكما ان فكرة العدالة من اختراع السياسة فان فكرة الاجماع من اختراع السياسة.
ولقد استخدمت فكرة الاجماع كسلاح يتم إشهاره في وجه المناوئين والرأي الآخر وعلى اساسه تم تصفية الاتجاهات المخالفة وعزلها، وما كان ذلك ليتم لولا دعم الحكام الذين وجدوا في هذه الفكرة عوناً ومستنداً لهم.
وقد اجمع القوم مثلا على خلافة الأربعة: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي.
وأجمعوا على صحة كتابي: البخاري ومسلم.
وأجمعوا على طاعة الحكام الظالمين.
ومسألة الاجماع على خلافة الأربعة بهذا الترتيب لا تخرج عن كونها لعبة سياسية الهدف من ورائها ضرب خط آل البيت والمحافظة على خط بني أمية.
فكون الإمام عليّ يكون في المؤخرة ويقدم عليه عثمان رأس بني أمية في الحكم، ومن قبل عثمان عمر، ومن قبل عمر أبو بكر، فان هذا يعني أن هؤلاء الثلاثة أفضل منه، وما داموا أفضل منه فهذا يعني أنه غير مميز وليس بصاحب مكانة خاصة، وإذا ما وصل المسلم الى هذا الاعتقاد فسوف يستخف بآل البيت ولا يعبأ بهم.
ومن هنا يتبين أنّ محاولة هدم هذا الاعتقاد سوف يؤدي الى ضرب شرعية بني أمية، حيث أنّ ضرب أبي بكر يؤدي الى ضرب عمر، وضرب عمر يؤدي الى ضرب عثمان، وضرب عثمان يؤدي إلى ضرب معاوية، فكل منهم يستمد شرعيته من الآخر، فأبو بكر عين عمر، وعمر استعمل معاوية ومهّد لعثمان، وعثمان دعم معاوية وقوّاه.
إنّ رفع مكانة الثلاثة إنّما كانت على حساب الإمام عليّ، ومحاولة رفع الإمام عليّ سوف تكون على حساب الثلاثة.
ومن هنا كان الانفصال فالذين ساروا على نهج الثلاثة تحالفوا مع بني اُمية والذين ساروا على نهج الامام نبذوا بني امية.
وبالطبع لابدّ للقوم أن يضيفوا لمعتقداتهم الاعتقاد بصحة روايات البخاري ومسلم من دون كتب السنن والاجماع على ذلك حتى يتم تبرير هذا الموقف، فأي محاولة للمساس بالبخاري ومسلم سوف تهدم معتقدات القوم التي هي من الأساس مستمدة من هذين الكتابين.. ومن هنا يتبين لنا سر الحرب الضروس التي شنت على من يحاول التشكيك في البخاري أو مسلم في الماضي والتي لا تزال تشن حتى اليوم.
ومن أبرز عوامل الشك في فكرة الاجماع، إجماع القوم على طاعة الحكام على الرغم من مفاسدهم وانحرافاتهم وكفرهم في أحيان كثيرة، فهذا الاجماع تفوح منه رائحة السياسة بشكل فاضح وهو يدفع الى الاعتقاد بان جميع صور الاجماع الاخرى هي من صنع السياسة أيضاً.

(1) التوبة: 31.
(2) مسلم شرح النووي، كتاب فضائل الصحابة، باب من مناقب علي.
(3) فتح الباري: 7 / 74.
(4) مسلم شرح النووي.
(5) مسلم شرح النووي.
(6) مسلم شرح النووي.
(7) انظر مسلم، كتاب الامارة، وانظر البخاري، كتاب الاحكام، باب 51، وانظر مقدمة تاريخ الخلفاء للسيوطي، وانظر شرح العقيدة الطحاوية، وفتح الباري ج13 آخر كتاب الأحكام، وانظر شرح النووي لمسلم.
(8) انظر فتح الباري: 6 / 202.
(9) انظر العقيدة الواسطية لابن تيمية، وشرح العقيدة الطحاوية، ط القاهرة.
(10) الاصابة في تمييز الصحابة المجلد الأول.
تعلیقات المشاهدین
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رای: