لماذا ترتبط المهدوية بمدرسة أهل البيت عليهم السلام ؟

لعل أخطر مرحلة في تاريخ البشرية هي المرحلة المهدوية ، ويمكن أن نعرف ذلك من آلاف الروايات الشريفة التي وردت عن طريق جميع الفرق والمذاهب الإسلامية، بل إن ظهور المخلص أو المصلح العالمي أو المنقذ هو مما أجمعت عليه الشرائع الدينية كافة، بل حاجة البشرية إلى مجتمع تسوده العدالة، وخالٍ من الظلم ، من الدلائل على ضرورة تحقق هذا العالم ووجوده ، كما أن العطش دليل على وجود الماء .

ومع أن العقيدة المهدوية تشترك في أصل الإيمان بها كل المذاهب الإسلامية ، إلا أن الشائع بين الناس أنها عقيدة شيعية ، فما السبب في ذلك ؟!

السبب في ذلك هو أن العقيدة المهدوية في مدرسة أهل البيت عليهم السلام تقع ضمن نظرية متكاملة الأركان هي نظرية الخلافة الإلهية والإمامة المعصومة، التي تتمثل فى اثني عشر إماما من أهل البيت النبوي، أولهم علي بن أبي طالب عليه السلام، وآخرهم المهدي عليه السلام ، وهم ليسوا مجهولي النسب أو الأصل ، وهم اصطفاء إلهي وليس اختيارا بشريا ، وأن الإمام المهدي ولد فعلا عام 255 هجرية وهو ابن الإمام الحادي عشر ( الحسن ) العسكري عليه السلام .
 فالوجود الفعلي للإمام المهدي عليه السلام في مدرسة أهل البيت عليهم السلام، وطول عمره، ومقاماته المعنوية العالية كبقية آبائه الطاهرين ( كإنسان كامل ) محور هذا العالم ، وقلب عالم الإمكان وهذا ضمن إطار نظرية متكاملة بخلاف الآخرين حيث تمثل نظرية المهدوية إشكالية حقيقية في بنائهم الفكري والديني وحيث إن عدد الأئمة في مروياتهم اثنا عشر إماما أيضا والمهدي هو الإمام الأخير فلابد أن يكون هو الثاني عشر وهو ما تقول به مدرسة أهل البيت عليهم السلام حيث تم ظهورهم والبيعة لهم وتدوين علومهم أما المدارس الأخرى فهم لا يعرفون معنى للعدد اثني عشر ولا المقصود بهم !! .

من أجل ذلك فهم لايتحدثون مع جماهيرهم عن الإمام المهدي أو ملامح عصره أو علامات ظهوره أودولته .

وهناك سبب آخر : إن المدارس الأخرى تعتبر المهدي عليه السلام من علامات نهاية الزمان ، أما في مدرسة أهل البيت عليهم السلام فهو عبارة عن نهاية مرحلة زمنية وبداية مرحلة جديدة قد تستغرق عشرات الألوف من السنين .

فالمهدي عند مدرسة أهل السنة هو بداية دمار وخراب العالم وعندهم فترة ظهور المهدي سبع سنوات وبعدها الخراب .

والمهدي عليه السلام في مدرسة أهل البيت عليهم السلام هو بداية دولة العدل الإلهي ، وبداية دولة العلم والإيمان وفيها تكتمل أحلام الخلائق ويعم الخير وتنتهي دورة إبليس ودوره وتنتهي فترة إنظاره والوقت المعلوم .

وفي هذا البحث سأتحدث عن العقيدة المهدوية في القرآن الكريم والسنة المطهرة مركزا على البحث القرآني ، مع محاولة الربط بين المرحلة العلمية والحضارية التي وصلت لها المجتمعات المعاصرة ، والمرحلة المهدوية الموعودة وحضارتها التي هي مستقبل البشرية ، وحلمها الذي تتطلع إليه ..

 من كتاب "قادة أبرار ومنهج إلهي" .... سالم الصبّاغ