بینات

تآریخ النشر: 20:15 - 2017 November 08
يخطئ من يتوهم أن مريدي وأتباع مذهب أهل البيت هم وحدهم من يهتم بهذه المناسبة الدينية وهي الزيارة الأربعينية إلى مرقد الحسين بن علي سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي أصبحت تكتسي الطابع المليوني لما أصبحت تستقطبه من جموع بشرية كل عام من مختلف الأصقاع ..
رمز الخبر: 78


قد يستغرب البعض سر اهتمامي بهذه المناسبة الدينية المقدسة لدى أتباع أهل البيت عليهم السلام وقد يتوهم البعض أن الأمر يحمل في طياته صبغة ترويجية لهذا الحدث ومحاولة لتسليط الضوء على الطقوس الدينية والممارسات الشعائرية لهذه الطائفة الهامة من طوائف الأمة الإسلامية.. لكن الأمر أبعد من ذلك كلّه ذلك أن العالم أصبح قرية واحدة وهاهي وسائل الاتصال الحديث تختزل المساحات الشاسعة وتطوي المجابات الكبرى..

لقد تابعت كغيري عبر القنوات التلفزيونية ومختلف منصات التواصل الأخرى هذا العام وكغيره من الأعوام الأخرى ملايين المسلمين زاحفة على أقدامها من إيران ومن مختلف بقاع العالم نساء ورجالا شيوخا وشبابا تسير متجهة إلى العراق وبخاصة إلى مدينة كربلاء المقدسة وسط تجمع بشري لايمكن للعقل البشري أن يتصور حجم وحماسة أصحابه ومدى محبتهم للامام الحسين عليه السلام وتعلقهم به واستنكارهم للظلم الذي تعرض له بل وإيمانهم بالأهداف والمثل العليا التي استشهد من أجلها..

ما يميز هذا الزحف البشري المليوني هو روح الاثار والتواضع والبساطة ونكران الذات ترى فيهم الغني الموغل في الغنى والفقير المعدم كلهم سواسية يسيرون على أقدامهم تيمنا بسيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام. هذا إضافة إلى جوانبها الإنسانية المتعلقة ببناء الإنسان وتقويته على الصبر والمشقة واستعداده الى التضحية من أجل المظلومين ورفع القهر والحيف عنهم.

يخطئ من يتوهم أن مريدي وأتباع مذهب أهل البيت هم وحدهم من يهتم بهذه المناسبة الدينية وهي الزيارة الأربعينية إلى مرقد الحسين بن علي سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي أصبحت تكتسي الطابع المليوني لما أصبحت تستقطبه من جموع بشرية كل عام من مختلف الأصقاع ..

حتى أن مراكز التحليل والرصد بدأت تتحدث عنها بإعجاب واستغراب حيث ترصد الأقمار الصناعية الدولية ما تصفه بأكبر تجمع بشري سلمي ينظم سنويا في بقعة صغيرة هي كربلاء في أقل من أسبوعين .. غير أن ما ينبغي لفت الانتباه إليه في هذا الموضوع  هو الدلالات المعنوية والقيمية لهذه المناسبة الدينية المقدسة لدى عامة المسلمين وأتباع أهل البيت عليهم السلام خاصة فهي وإن كانت أعلانا جديدا للثورة والتمرد على أنماط الظلم والقهر وإنصافا لآهل البيت ولما حاق بهم من ظل وقهر على مر الزمن فهي رسالة ومحبة إلى الإنسانية حيث تخلوا كل فعالياتها من أي شعارات سياسية أو حزبية أو عنصرية أو طائفية فضلا عن معاني الإيثار وإكرام الضيوف والذكر والصلاة على المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.

هذه المعاني وهذه القيم الإنسانية والدينية والعقدية الراسخة عبر العصور لا يمكن أن تختزل في طقوس أو شعائر أو مظاهر أو ألوان أنها تحمل في طياتها أهدافا كبيرة  ودلالات عميقة مرتبطة ينبغي دراستها والتأمل فيها بعيدا عن التخندق المذهبي او السياسي بل وترجمتها على الواقع لرفع الظلم ومحو كل أشكال القهر الإنساني على مر العصور وهذا ما أبقى ذكرى ثورة سيد الشهداء الإمام الحسين بن علي مستمرة على مر الأزمنة والحقب.

بقلم : لاله منت حماده

نقلا عن موقع قناة الكوثر


تعلیقات المشاهدین
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رای: