بینات

تآریخ النشر: 22:55 - 2017 February 21
إنَّ الخصوم المعاندين لمذهب الحق ومنهج أهل البيت (عليهم السلام) قد اتهموا الشيعة الإماميَّة بالغلو، ورموهم بالكفر لاعتقادهم بأنَّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) والأئمة من أهل بيته الطيبين الطاهرين يعلمون الغيب بمعنى أنَّ الله قد علَّمهم من علوم الغيب وأفاض عليهم منها، وقد ثبت هذا عنهم بما لا يجوز ردّه ولا إنكاره، وفي سبيل كسر حجج الخصوم ومناقضاتهم الباطلة ودحض حججهم بما أقرّوه في كتبهم
رمز الخبر: 14

الحمدُ لله رب العالمين، الحمد لله الذي خصَّ محمداً وآلَهُ الطيبين الطاهرين بعلومِ الأولين والآخرين، واصطفاهم بما علَّمهم فجعلهم أئمة الدين وسبيل الهدى وباب الرحمة الذي شُرع لنجاة الأمة، والصلاة الزاكية النامية على خاتم الأنبياء وسيد الأولياء وقدوة الأتقياء محمد بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين، أما بعد :

فإنَّ الخصوم المعاندين لمذهب الحق ومنهج أهل البيت (عليهم السلام) قد اتهموا الشيعة الإماميَّة بالغلو، ورموهم بالكفر لاعتقادهم بأنَّ النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) والأئمة من أهل بيته الطيبين الطاهرين يعلمون الغيب بمعنى أنَّ الله قد علَّمهم من علوم الغيب وأفاض عليهم منها، وقد ثبت هذا عنهم بما لا يجوز ردّه ولا إنكاره، وفي سبيل كسر حجج الخصوم ومناقضاتهم الباطلة ودحض حججهم بما أقرّوه في كتبهم، آثرتُ إثبات علم النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين (عليهم السلام) بعلوم الغيب وإخبارهم بها في هذه الأبحاث المختصرة عبر إيراد الأحاديث المعتبرة التي نصَّ العلماء والمحققون المخالفون على اعتبارها وجودةِ أسانيدها، وقد جعلتُ ذلك على قسمين:

القسم الأول: علم النبي (صلى الله عليه وآله) بالغيب وإخباره بذلك.

القسم الثاني: ما جاء في علم أمير المؤمنين (عليه السلام) بالغيبيات، وإخباره بها من قبيل إخباره بشهادته على يد أشقى الآخرين الخارجيّ عبد الرحمن بن ملجم (لعنه الله).

وفي الخاتمة، مناقشةٌ لبعض الإشكالات التي يمكن دفعها من خلال تثبيت بعض الأدلة الحاضِرة واستخراج بعض النتائج المُهمَّة التي لطالما أنكرها المخالفون، وسيأتي تفصيل هذه المطالب في خاتمة البحث.

علم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله بالغيب

إنَّ العلماء والمحدثين من مذهب أهل السنة والجماعة قد رووا أخباراً عديدةً تدلُّ على احتواء قلب الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) على علومٍ غيبيةٍ جمَّة، ومنها :

(1)روى أبو داود الطيالسي في مسنده(1): (حدثنا شعبة، عن عدي بن ثابت، عن عبد الله بن يزيد، عن حذيفة، قال: قام فينا رسول الله فأخبرنا بما هو كائن إلى يوم القيامة إلا أني لم أسأله: ما يخرج أهل المدينة من المدينة).

قال المحقق الدكتور محمد بن عبد المحسن التركي: (حديثٌ صحيح).

(2)روى أحمد في مسنده(2): (حدثنا أبو عاصم حدثنا عزرة بن ثابت، حدثنا علباء بن أحمر اليشكري حدثنا أبو زيد الأنصاري قال: صلى بنا رسول الله صلاة الصبح، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر، ثم نزل فصلى الظهر، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر، ثم نزل فصلى العصر، فصعد المنبر فخطبنا حتى غابت الشمس، فحدثنا بما كان وما هو كائن، فأعلمنا أحفظنا).

قال المحقق شعيب الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط مسلم).

(3)روى أحمد في مسنده(3): (حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً، فأخبرنا بما هو كائن إلى يوم القيامة، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه).

قال المحقق شعيب الأرناؤوط: (إسناده صحيح على شرط الشيخين).

(4)روى مسلم في صحيحه(4): (وحدثنا محمد بن بشار، حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة، ح وحدثني أبو بكر بن نافع، حدثنا غندر حدثنا شعبة، عن عدي بن ثابت، عن عبد الله بن يزيد، عن حذيفة، أنه قال: أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة فما منه شيء إلا قد سألته، إلا أني لم أسأله: ما يخرج أهل المدينة من المدينة؟).

(5)روى مسلم في صحيحه(5): (حدثني يعقوب بن إبراهيم الدورقي وحجاج بن الشاعر جميعاً عن أبي عاصم، قال حجاج: حدثنا أبو عاصم أخبرنا عزرة بن ثابت أخبرنا علباء بن أحمر حدثني أبو زيد يعني عمرو بن أخطب، قال: صلى بنا رسول الله الفجر، وصعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر، فنزل فصلى ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ثم نزل فصلى، ثم صعد المنبر، فخطبنا حتى غربت الشمس فأخبرنا بما كان وبما هو كائن فأعلمنا أحفظنا).

(6)روى ابن حبان في صحيحه: (أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي، قال: حدثنا مسدد، قال: حدثنا بشر بن المفضل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن أبي إدريس الخولاني عن حذيفة قال: لقد قام رسول الله مقاماً فحدثنا ما هو كائن بيننا وبين الساعة ما بي أقول لكم: إني كنت وحدي، لقد كان معي غيري حفظ ذاك من حفظه ونسيه من نسيه) وهذا الخبر عند ابن حبان صحيح.

قال المحقق شعيب الأرناؤوط(6): (إسناده جيِّد).

قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني(7): (صحيح).

(7)روى ابن حبَّان في صحيحه: (أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا أبو خيثمة، قال: حدثنا جرير، عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ترك شيئاً يكون في مقامه إلى أن تقوم الساعة إلا حدث به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكون الرجل منه الشيء قد نسيه، فأراه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه فإذا رآه عرفه).

قال المحقق شعيب الأرناؤوط(8): (إسناده صحيحٌ على شرطهما).

قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني(9): (صحيح).

(8)روى الحاكم النيسابوري(10): (حدثنا أبو جعفر محمد بن خزيمة الكشي بنيسابور من كتابه، ثنا عبد بن حميد الكشي، ثنا أبو عاصم النبيل، ثنا عزرة بن ثابت، ثنا علباء بن أحمر، ثنا أبو زيد الأنصاري رضي الله عنه، قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح، فخطبنا إلى الظهر، ثم نزل فصلى الظهر، ثم خطبنا إلى العصر، فنزل فصلى العصر، ثم صعد فخطبنا إلى المغرب، وحدثنا بما هو كائن فأعلمنا أحفظنا).

قال الحاكم: (هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه)، وصححه الذهبي.

(9)قال الحافظُ ابن حجر العسقلاني في كتابه (الأمالي المطلقة)(11): (أخبرني أبو الفرج بن حماد قال أخبرنا يونس بن أبي إسحاق عن علي بن الحسين بن علي (ح)

وأخبرنا أبو الخير بن أبي سعيد في كتابه قال أخبرنا أحمد بن أبي طالب عن أبي الحسن القطيعي قالا: أخبرنا أبو بكر بن الزاغوني قال الأول إجازة والثاني سماعاً قال: أخبرنا أبو نصر الزينبي، قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد قال: حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: حدثنا محمد بن فضيل قال حدثنا الوليد بن عبد الله بن جميع عن أبي الطفيل عن حذيفة رضي الله تعالى عنه قال: قام فينا رسول الله مقاماً فأخبرنا بما هو كائن إلى يوم القيامة حفظه من حفظه ونسيه من نسيه.

هذا حديث صحيح على شرط مسلم في إسناده، وقع لنا بعلوٍ من هذا الوجه وما رأيته في الكتب الستة ولا في مسند أحمد من هذه الطريق مع نظافتها).

يُتبع ..

بقلم إبراهيم جواد

----------------------

(1) مسند أبي الطيالسي، ج1، ص 347، رقم الحديث 434، تحقيق: محمد بن عبد المحسن التركي، الناشر: هجر للطباعة والنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1999م.

(2) مسند أحمد بن حنبل، ج 37، ص 525، رقم الحديث 22888، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الأولى 1421هـ/2001م.

(3) مسند أحمد بن حنبل، ج 38، ص 411، رقم الحديث 23405،تحقيق: شعيب الأرناؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الأولى 1421هـ/2001م.

(4) صحيح مسلم، ج4، ص 2217، كتاب الفتن وأشراط الساعة / باب إخبار النبي صلى الله عليه وسلم فيما يكون إلى قيام الساعة، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، الناشر: دار الحديث – القاهرة، الطبعة الأولى 1991م.

(5) المصدر السابق.

(6) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، ج15، ص6، رقم الحديث 6637، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، الناشر: مؤسسة الرسالة - بيروت، الطبعة الأولى/1991م.

(7) التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان، ج9، ص 337، رقم الحديث 6603، تحقيق: محمد ناصر الدين الألباني، الناشر: دار باوزير للنشر والتوزيع – جدَّة، الطبعة الأولى 2003م.

(8) الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، ج15، ص5، رقم الحديث 6636.

(9) التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان، ج9، ص 337، رقم الحديث 6602.

(10) المستدرك على الصحيحين، ج4، ص 533، رقم الحديث 8498، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، الناشر: دار الكتب العلمية – بيروت، الطبعة الثانية 2002م.

(11) الأمالي المطلقة، ص 173، تحقيق: حمدي السلفي، الناشر: المكتب الإسلامي- بيروت، الطبعة الأولى 1995م.

تعلیقات المشاهدین
الاسم:
البرید الإلکتروني:
* رای: